في ظل الجائحة الكونية كورونا، ندعو إلى علاقات إنسانية أكثر دفئا..
في ظل ما تعيشه الإنسانية جمعاء من محنة قاسية ، عمت فيها البلوى ، فما استثنت ؛ وكان أكثر ما وقع النقص في الأنفس والثمرات ، ففي كل أقطار الأرض اليوم أنفس يتخرمها الموت ، واقتصاد معطل مشلول ، يعجز الناس من خلال تعطيله عن كسب معايشهم ، وأرزاقهم ؛ وهي محنة في المِحنة ، حتى يتساءل بعض الناس : أي المحنتين أشد ؟!
يعتقد جميع المؤمنين بالخالق القدير ، على اختلاف مللهم ونحلهم ، أن كل شيء يجري في هذا الكون بقدر ، وأن كل شيء يجري على هذه الأرض بمقدار . وأن كل شيء يتم بقصد ، ويمضي إلى غاية ..
وأن لما تكسبه أيدي الناس من ظلم وفساد وتجبر وطغيان علاقة وشيجة لطيفة خفية غير ظاهرة بكل ما يصيب الجماعات والأفراد من نجاح وإخفاق ، ومن شدة ورخاء .
ويعتقدون أن الجزاء الإلهي على الظلم ، عندما يظهر ويستعلن وينتشر ويسود، لا يكون انتقائيا ليقع على أعيان الظالمين وفِي ساحتهم فقط .. فالفتنة ، العذاب الذي يقع بالبشر تنبيها وتذكيرا وتحذيرا ، لا ينزل بالذين ظلموا خاصة ( وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) قرآن كريم
وفِي تراث محمد رسول الله " إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده "
في موقفنا الإنساني والإيماني في مواجهة الفيروس القاتل كوفيد١٩ ، لا نرى انه من اللائق ببشر عقلاء ، رشحهم القدير لخلافته ، أن يتنبازوا ، ولا أن يتمايزوا بل أن يعترفوا أنهم جميعا بحسب معطيات التصور ومعطيات الواقع ، حصاد لرحى المِحنة الجائحة تدور عليهم جميعا فلا تكاد تبقي..
وفي ظل كل هذا الذي يجري على الإنسان المخلوق الخليفة الموكل بعمران هذه الأرض نرى أن المطلوب في مواجهة هذه الجائحة :
موقفا إنسانيا أكثر وحدة وتلاحما، ومشاعر إنسانية أكثر دفئا . ولغة إنسانية أكثر تواضعا، وأقل غطرسة وتبجحا ..
نعلم أن الدواء بين أيدينا ، حتى يأذن العليم لبعضنا ان يكتشفه ، كما كان الحال من قبل يوم علمنا وعلمنا وعلمنا . ونظل نرتل : ( وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء )
المطلوب استراتيجية عالمية تتجاوز كل الحدود والأجناس والأعراق ، تجعل أولويتها الأولى إنقاذ حياة الإنسان . استراتيجية تتبنى ما كُتب في صحف موسى وعيسى ومحمد ، أن من أحيا نفسا واحدة فكأنما أحيا الناس جميعا . تلك شريعة الحي الفيوم .
وإذا كانت المعركة مع كورونا معركة صحية علمية ، فكيف يديرها السياسيون ؟! وكيف يسمح لهم أن يوظفوها لخدمة مآربهم السياسية العاجلة أو القريبة ؟! أليس من حق ونحن نزعم أننا بلغنا " نهاية التاريخ " أن يتقدم أهل الاختصاص لإدارة كل معركة بحسبها ؟!!
ومن هنا فيجب أن لا نتردد عن الإعلان : إنه إذا كانت الجائحة كونية فإن استراتيجية المواجهة يجب أن تكون كونية .
وإذا كانت الجائحة وبائية فإن استراتيجية المواجهة يجب أن تكون علمية صحية .
وزعمتم أنكم بلغتم نهاية التاريخ في الرؤية والوسائل والأساليب فكونوا أوفياء لما زعمتم ..
أيها الناس جميعا ...
ندرك أن الموت حق وأنه مصيبة
وندرك أن الفقد صعب ومؤلم
نتوجه بالعزاء والمواساة لأولياء كل المفقودين حول العالم ..
ونسأل الله الرحمن الرحيم اللطيف الخبير أن يرفع الغمة عن الإنسانية جمعاء في كل أقطار الأرض ..
وإنما نحب أن نذكر من غير إظهار شماتة ولا نقمة ، فما ذاك من شأن البشر الأسوياء ، ببعض الحق الذي نُسي ، وبأن الموت صعب على كل النفوس ، وأن الفقد مؤلم لكل القلوب ، وأن حصاد ما جرى على أهل سورية في تسع سنين كان أشد وأنكى مما يفعله كوفيد ١٩ بالبشر اليوم ..
ما وقع في سورية كان موتا وفقدا وتشريد وتعذيبا وسوط نقمة اشترك فيه من سكان هذه الأرض الكثيرون ..
ما وقع في سورية على مدى تسع سنوات وقع هناك بكيد من كاد ، ومكر من مكر ، وتجاهل من تجاهل ، وصمت من صمت !!
اللهم أنت رب العالمين
الطف بخلقك أجمعين