الجيش الذي لا يقهر أكذوبة لها تاريخ ..
جاء في كتاب الحق المر للاستاذ محمدالغزالي رحمه الله
الجيش الذي لا يقهر أكذوبة لها تاريخ ..
هناك جهود كبيرة تبذل سرآ وعلنآ ليستقر فى الأذهان أن الجندي اليهودي مقاتل ذو بأس، وأن الجيش اليهودي
- كما يزعم الخرافيون - قوة لا تقهر ..وقد فحصت الشائعات التى تطلقها مؤسسات شتى، ورجعت البصر فيما تكتبه وتذيعه دور شرقية وغربية، واستمعت إلى تصريحات بعض الساسة وتعليقات بعض المراقبين، فوجدت هؤلاء وأولئك يتواصون بالكذب، ويريدون إقناع العرب والمسلمين أنهم يقاتلون فى معركة ميئوس منها .. لماذا ؟.لأن اليهود فى التاريخ قديمه ووسيطه وحديثه كانوا رجالآ أولى فداء وبلاء وأن انتصاراتهم فى المعارك التى خاضوها فى الشرق والغرب طبقت الآفاق !.
مطلوب من العرب والمسلمين أن يصدقوا هذه الفرية، وأن يقبلوا شيئآ ما أنزل الله به من سلطان ! مطلوب منهم أن يقبلوا الدولة الإسرائيلية على ترابهم، وأن يؤمنوا بأن الشعب الذى غاضب الله فغضب عليه الله، وكتب عليه الذلة والمسكنة هو شعب شجاع لا يقهر، صلب لا يلين !.ومن سبعة قرون ونيف انطلقت هذه الشائعة بين أيدى التتار الذين أغاروا على العالم الإسلامى، وأسقطوا الخلافة العباسية ودمروا المدائن والقرى ووقر فى نفوس الناس أن الجيش التتارى لا يهزم، وأن جحافله إذا انطلقت لا ترد !.
وللشائعات سلطان على الدهماء، وقد يكون لها فى ضعاف القلوب موقع، وقد ظهر ذلك عندما التقى التتار والمسلمون فى(عين جالوت)
كانت الرهبة من الجيش(الذى لا يقهر)تخامر النفوس، وهذه الرهبة وحدها سلاح قاتل كاد ينال من الجيش الإسلامى لولا الصيحة الهائلة التى قصفت كالرعد فوق رءوس الناس، صيحة القائد المظفر "قطز" يقول : وآ إسلاماه .. فإذا اليقين يعمر الأفئدة والحماس يلهب الأنفاس، وانطلق من بين المسلمين إعصار يطلب الآخرة ويدمر ما أمامه فما هى إلا جولة تتبعها أخرى حتى كان التتار بين مقتول وهارب وسقطت في الوحل قصة الجيش الذى لا يقهر، وأخذ الوجود التتارى يتقلص مع الأيام حتى اختفى إلى الأبد ..
إن التاريخ يعيد نفسه اليوم، والمحاولات ماضية فى إلحاح لإشعارنا أن يهود اليوم هم تتار الأمس الذين سفكوا وأهلكوا ولم يقفهم أحد !.والواقع أن اليهود أقل وأذل من أن ينهضوا بهذا الدور، وأن مؤامرات القوى الكبرى هى التى تريد توكيد هذه الخرافة، وهى تتدخل سافرة لترجيح كفتهم إذا انهاروا حتى يظلوا شبحآ مرعبا فى المنطقة التى نكبت بهم، إنهم شبح يهول
فى ظلمات الخداع، وغيوم الفوضى التى تزحم الأجواء !.
أما العنصر الفذ الفعال فى نصرة المسلمين فهو موقفهم من دينهم لا موقف غيرهم منهم، وهو عنصر لا تنال منه شائعات موهومة ولا حقائق معلومة .!
فقد المسلمون هذا العنصر أواخر الخلافة العباسية التى استهلكها الترف، وأخملتها المآرب الدنيا فكانت العقبى أن استمكن منهم الأعداء، ومزقوهم شر ممزق، كانت ريح الدعوة راكدة، وسوق التقوى كاسدة، وكانت الخلافات الداخلية توهى الكيان الكبير، وتنشر فى جنباته الفتوق، وكما تقوم شجيرات طفيلية إلى جوار الجذع الباسق فتعطل نموه،بل تسلبه الحياة، قامت ممالك كثيرة فرضت وصايتها على الخلافة العظمى وجعلتها شاخصا لا روح فيه، وأخذت تتصرف وحدها تصرفات آذت العالم الإسلامى كله !.
وقد سجل ابن كثير فى موسوعته التاريخية "البداية والنهاية" كيف أن أحد الملوك المسلمين فى ذلك العهد الغابر استفز جنكيز خان، وظلم بعض رعاياه ! فكان سببآ فى الدواهي العظام التى حفت بالإسلام وأمته لما تحرك التتار بقيادة جنكيز ليثأروا لما أصابهم ..
وقد دخل التتار فى الإسلام بعد ذلك، وأحسب أنهم لو وجدوا من يعرض الإسلام عليهم قبل غارتهم الشعواء لدخلوا فيه وأخلصوا له، وأنى يجدون الدعاة الواعين الصادقين مع انشغال المسلمين بأنفسهم عن ربهم، وبدنياهم عن آخرتهم ؟.
وقد دفعنا الثمن قديمآ ويبدو أننا ندفعه الآن مرة أخرى، ترى هل نتدبر قوله تعالى(أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون)
إن اعتصامنا بالله وحرصنا على رضاه هو اللواء الوحيد الذى نقاتل تحته ليقودنا إلى النصر، والصراع بين العرب واليهود خضع قديما لهذه الآية(لن يضروكم إلا أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون)
وقد حرم الله عليهم النصر تحريمآ قاطعا فى كل حرب خاضوها مع سلفنا الأوائل، ثم شرح مستقبلهم آخر الزمان فبين أنهم لا يقومون وحدهم أبدآ، فإما اصطلحوا مع الله وتركوا ما هم فيه، وإما حملهم
بعض الناس ليستخدموهم فى الإفساد والإضرار(ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس)
فأما حبلهم مع الله فمقطوع، وبقى الحبل الآخر ..
ولا أريد الحديث عنه، فالحديث ذو شجون !.