تبرئة "مبارك" لماذا الآن ؟!
صدر أمس قرار نهائي غير قابل للطعن بتبرئة الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك" وقد بدت هذه التبرئة نقطة فارقة ليس في مسار ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ في مصر، بل كذلك نقطة فارقة في مسار الربيع العربي، فقد حملت هذه التبرئة المشبوهة عدة رسائل تستحق التأمل، لاسيما من ناحية توقيتها في هذه الأيام التي تشهد اجتماع جنيف لحل الأزمة السورية التي من المتوقع في حال انتهائها إجبار بشار الأسد على التخلي عن السلطة وتعرضه لما تعرض له مبارك من سجن وتحقيق ومحاكمات على الجرائم الفظيعة التي ارتكبها بشار في سورية من جرائم وتدمير !!
الرسالة الأولى : التي تتضمنها تبرئة مبارك رسالة موجهة من "الجهات" التي وقفت وراء تبرئته، وهي رسالة موجهة إلى الجماهير العربية التي ثارت في وجه الدكتاتورية والظلم والفساد وخرجت تطالب بحريتها مستبشرة بربيع عربي ينهي عصور الظلام العربي ويعيد للأمة العربية حريتها وكرامتها ، ففي هذه التبرئة رسالة تهديد ووعيد من تلك الجهات تقول للجماهير العربية الثائرة : عودوا إلى "بيت الطاعة" وتوقفوا عن العنتريات الفارغة، فلن نسمح لثوراتكم بالنجاح مهما دفعتم من ضحايا، ولن نتخلى عن الزعماء الذين نثق بولائهم وإخلاصهم لنا مهما فعلوا، ومهما ارتكبوا من مجازر ودمار !!
الرسالة الثانية : موجهة تحديداً إلى جزار سوريا "بشار الأسد" تطمئنه في حال قبوله التخلي عن كرسي الرئاسة، رسالة تفيض وقاحة غير مسبوقة تقول لبشار : لا تخش المستقبل فسوف نبرئك من كل الجرائم التي ارتكبتها وسوف نسقط عنك كل الاتهامات والقضايا التي رفعت ضدك إلى المحاكم الدولية، اطمئن .. يا غالي .. فأنت في الحفظ والصون، ولن نتخلى عنك أبداً، وانظر ما فعلنا من أجل صاحبك مبارك !!!
الرسالة الثالثة : موجهة إلى المعارضة السورية المجتمعة اليوم في جنيف ، رسالة مفادها أن لا تعولوا كثيراً على تخلي الأسد عن السلطة، فهو إن خرج من الباب سنعيده من الشباك ، فكونوا واقعيين وانظروا إلى ما يجري حولكم ،وتعلموا هذا الدرس من تبرئة مبارك، وتذكروا أن الحقوق نحن الذين نحددها ومصائر الدول بأيدينا ولن تكون في أيديكم أبداً، فاحفظوا درس مبارك جيداً، والزموا بيت الطاعة .. وإلا !!
وبعد ..
فإن هذه التبرئة المشبوهة لمبارك، تعيد إلى الذاكرة العربية عملية تهريب الرئيس التونسي "زين العابدين بن علي"تلك العملية التي حملت رسالة تطمين لبقية الزعماء العرب من اللحظة الأولى لانطلاقة الربيع العربي، رسالة تقول لهم بكل حنان : إن حياتكم في الحفظ والصون وبقاؤكم يهمنا، فافعلوا ما شئتم ولا تخشوا " هذا الربيع" المزعوم ،فما هو إلا زوبعة في فنجان، لن تلبث أن تنتهي، ولتشرب الجماهير العربية الثائرة ماء البحر !!
الرسالة الرابعة : رسالة موجزة تقول فيها تلك " الجهات" لمن تبقى من زعامات العربان على عروشهم : اطلبونا تجدونا !!!؟